الأربعاء، 7 أبريل 2010

قصيدة نعنع السلطي للشاعر السلطي الدكتور محمد عطيات

حدثني قطروزٌ يـبحثُ عن قوتٍ يوميٍّ في حيِّ الميدانْ
عن راعي غنم في الحمرة ْ
والحمرة يا سادة منتجع الرعيان الشجعانْ
عن لـَبـّان ٍ في سوق الحمّامْ
عن مظلومٍ من أحد الأيتامْ
عن طفلٍ مقطوع الساقينْ
ومعاقٍ مفقوء العينينْ
عن راكب بغل في يده سوط ْ
عن بائع تين في وادي السلط ْ
عن منبوذٍ يُقعي في مقهى عبّادْ
عن حرّاثٍ نشميٍ في وادي الأكرادْ
عن أرملة ٍ تستعطي في باب المسجدْ
قالوا نحن جميعا نشهدْ
أن الشيخ المدعو نعنعْ
بذ َّ شيوخ البلدة أجمعْ
نعنعُ وطنيٌ بالفطرة ْ
وفطين ٌ يفهمُ بالنظرة ْ
ووديعٌ محمودُ العِشرة ْ
تقنعهُ اللقمة ُ والكِسرة ْ
تُرضيه البسمة ُ من شفتيكْ
والقرش الأحمرُ من كفـَّيْكْ
شهمٌ وأمين ٌ وسخيُّ
يحملُ أكثر مما يحمل بغلٌ مخـ (...) ــيُّ
تتحاشى غضبتهُ السُّلـْطة ْ
وأثيرٌ عند رئيس الشـُّرْطة ْ
ممشوق القامة مفتول العضلاتْ
وبهيُّ الطلعة فاكهة ُ الجلساتْ
يتقنُ في يُسر ٍ أنواع اللعناتْ
يتخصص في شتم العوراتْ
يستأجره الظرفاءُ ليبصق في وجه الخبثاءْ
أو يشتم أشباه الوجهاءْ
يرشقها في وجه السادة من غير استحياءْ
في سيل شتائم جدُّ بذيئة ْ
ودعابات نصف بريئة ْ
ترغي زبدا شفتاه حين يهمهمْ
لا تعرفُ هل يمدح أحدا أو يشتمْ
نجم الموسمْ
يتلألأ في كل الأعراسْ
يُضحك في مرح عفوي آلاف الناسْ
لماعا براقا كالماسْ
جَوّابُ مقاهٍ وشوارعْ
ودليل ُ الإنسان الضائعْ
يلبسُ فروتـَه الفضفاضة َ من غير عناءْ
ويؤمُّ دواوين السادة في صَلـَفٍ وبهاءْ
ويوازي في هيبته إذ يمشي أعيان الوجهاءْ
ضخم عملاق في هيئة جمل ٍ أو غولْ
أو شيخ ٍ قذفته الصحراء إلى دنيا البترولْ
يتصدر رأس المجلس في كل الصلحاتْ
والشيخة ُ في بلدي جوهرُها تحقيقُ الذاتْ
في شدقيه سوس يتخر بعض الأسنانْ
لكن نعنعْ
ليس عييا أو رعديدا مخـ (....)ـيَّ لسانْ
أفصح من وزراء خرس بحكومتنا
أجرأ من مختار يهذي في ديرتنا
أذكى من رعيان شاخوا في ساحتنا
أشرف من مسؤول أثرى بمدينتنا
يسرق حتى بعض المضغة من لقمتنا
يطبق مثل قيود صدئت في رقبتنا
يزعم زورا أن امرأة لم تنجبه في دولتنا
هذا نعنع
أوضح صوتا من دلاّل ٍ
يرغي يزبد في سوق خضارْ
أصفى فكرا من حزبي ٍ يقعي فوق المقعد دوما
في صالات كبرى أو (بارْ)
يهذي بشعارات ماتت وبقايا عفنتْ من أخبارْ
وطني مزرعة ٌ للأبقارْ
يحلبها نفعيٌ سمسارْ
في نهم وحشي وسُعارْ
وثغاء ٍ قـَبَلي التــًّـيّارْ
أو صوت إقليمي الإبحارْ
يلعب نعنع في مسرحنا
من غير فريق وستارة ْ
يبدا من لاشيءَ حوارهْ
جمهور البلدة يعرفه
الشيخ وأطفال الحارة ْ
أن أسند يوما قامته
تحسبها في الليل منارة ْ
يترقب دعوة ملهوف ٍ
ينقـل ُ في عجل ٍ ( بُسطارهْ)
وتدك القدمان ِ الساحة ْ
في عنف أشبه بالغارة ْ
يسبح دوما بشجاعته
وطهارته ضد التيار ْ
ويهرول للنجدة فورا
في سرعة جني ٍ طيار ْ
إن داهم يوما بلدتنا
سيل وحريق أو أمطار ْ
هذا شيخُ البلدة نعنعْ
كالنسمة في عَجَلٍ يهرعْ
عيناه تبحثُ عن غرقى
أو تسعفُ كفاه الجرحى
تتراقصُ في ذعر أذناهْ
أو تجحظ ُ في غضب عيناه ْ
يُرخصُ في استعجال ٍ دمَهُ
إن مسَّ المكروه بلادهْ
لا يطمع في ذهب أو جاه ْ
أو حفلة تبجيل وقلادة ْ
هذا الشيخ المنقذ نعنعْ
صنف لم تألفه العادة ْ
ما من صوت ٍ إلا صوتك يرفعْ
ما من صوت ٍ إلا صوتك يسمعْ
فارأس بلدتنا وتربعْ
قد عز َّ نظيرك يا نعنع ْ
فلسانك حرٌ لا يُقمع ْ
نـَقـٍّلْ خطواتِك وتبخترْ
وتحسسْ شاربَكَ الأشقرْ
والشعر المنفوش َ الأحمرْ
تبدو في ناظرنا أشهرْ
من أيِّ وزير ٍ أو مستوزِرْ
يا نعنعُ  إمنح ْ بعض السادة جزءا من جرأتك الأدبية ْ
عَلـَّمْ نواب َمدينتنا
درسا في معنى الوطنية ْ
عَرِّفهمْ كيف يكون المسؤول أمينا في رسم قرارْ
عَرِّفهمْ كيف يكون الفرق جليا بين وزيرٍ و ( حمارْ )
يا نعنع هذي الأنماط ُ البشرية غارقة في العارْ
كالقطط البرية تلهو في عظمة أرنبة أو فارْ
فاختر ْ موقعك العالي
آه لو أنك تـُختارْ
يا نعنع هل هذا وطن أو منفضة للسيقارْ
خافتة أصوات الوزراءْ
خافتة أصوات الأعيانْ
خافتة أصوات النـُّوّابْ
صوري ٌّ هذا التمثيل الشعبيُّ وكأية صورة ْ
أما نعنعْ
فهو الصوت الأعلى والأرفعْ
ويقول إلى الأعور أعورْ
ويقول ُ إلى الأصلع أصلعْ
هرولْ بعباءتك الهفهافة في كل الطرقاتْ
وتفرسْ في وجه السادةِ أصحابِ السحناتْ
إن عثرتْ عيناك على حر ٍ في هذا الميدانْ
فاطبقْ في كلتا كفيك عليه من غير استئذانْ
فمشايخُ قومكَ تتكاثرُ كالديدانْ
في لقب الشيخة ِ تتباهى
ما أتعسَ هذا القلبَ الممقوتْ
فشؤون البلدة مهملة ٌ
ضيعها إغضاء ٌ وسكوتْ
أقمارُ البلدة يا نعنعْ
يأكلها الحوتْ
في شره ٍ ينهشُ في أجسادِ بنيها ثعبانْ
أتلفت حولي لا ألقى غير الخــ(...)ـيان.
يَجمعُ سادة َ قومي المنسفُ من غير أوانْ
فلماذا لا يجمعهمْ حُبُّ الأوطانْ
يا نعنعُ هل ماتتْ خيلُ بني قومي وانقرضَ الفرسانْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق